الأربعاء، فبراير 09، 2011

العقلانية

العقلانية

العقلانية مذهب(*) فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي(*) أو التجربة البشرية وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل(*) لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه.

العقلانية وتعرف أيضا بالحركة العقلانية، منحى فلسفي يؤكد أن الحقيقة يمكن أن تكتشف بشكل أفضل باستخدام العقل والتحليل الواقعي وليس بالإيمان والتعاليم الدينية. للعقلانية أوجه شبه مع حركات ثقافية أخرى هي : الإنسانية واللاإلهية (الإلحاد). وجه الشبه يتجلى أساسا في محاولة إنشاء إطار للتوجهات الفلسفية والاجتماعية بمنأى عن المعتقدات الدينية والغيبية.

يقصد بالعقلانية القدرة على استخدام العقل بصورة صحيحة في فهم المجتمع وحل مشاكله بمختلف أشكالها، فالعقل الذي يعد قائد الإنسان ، ومقرر نجاحه وفشله وارتقائه وتراجعه ، وهوعبارة عن قدرة انتجها الدماغ اثناء تطوره الى الامام في مناخ التحديات والازمات الوجودية «التعرض للموت» ، فاضطر الإنسان البدائي الى تحريك دماغه شبه النائم وايقاظ خلايا منه واستخدامها ، وبذلك اخذ يخترع الاشياء ويصوغ الافكار الى ان توصل الى بلورة (قيم) وقواعد سلوك اجتماعية وفكرية وقانونية ، وهذه الحصيلة التقدمية التي ميزت الانسان عن بقية الحيوان هي ثمرة ولادة العقل من الدماغ . إذن العقلانية استناداً الى ذلك هي استخدام العقل وثمراته «القيم والقواعد» اثناء السعي لتحسين شروط حياة الانسان وبالاخص ايجاد حلول مفيدة وبناءة للمشاكل التي تواجهه ، والحكمة هي من اهم نتاجات العقل ، فهي ثمرة تجارب طويلة ربما تعود لآلاف السنين ، تعلم الانسان خلالها الخطأ والصواب واكتشف بواعث الشرور والصراعات وتوصل من خلال كل ذلك الى طرق واساليب وقواعد تساعده على حل مشاكله بطريقة ايجابية تقلل الضرر وتزيد الفائدة ، لكنها ، اي الحكمة تتضمن عماداً لثباتها يعرفه الجميع وهو انه ليس من الحكمة تجاهل حق الآخر وايذائه اذ لابد من الاعتراف بحقه وضمان حصوله عليه اذا اردنا للمجتمع ان يستقر وتقل فيه المشاكل. كما ان الحكمة تقوم على عماد آخر وهو تجنب الحماقة وتكرار ارتكاب الاخطاء التي قد تكون مميتة ، والتي ارتكبها اخرون ، عن طريق تذكر ما حصل لمن سبقنا اومازال يعيش معنا وتجنب اخطائه ، من جهة ، واستخدام الخيارات التي ساعدته على النجاح ، من جهة ثانية ، بفضل حكمة العقل انفصل حيوان اسميناه بـ(الانسان) عن عالم الحيوان ، وصار سيداً عليه وعلى الكرة الارضية رغم بقاء قواسم مشتركة بين كل المخلوقات اهمها الحفاظ على النوع . لكن الحفاظ على النوع بعد بروز العقل ونتاجه العقلانية ، اصبحت وسائله مختلفة بين الانسان والحيوان فلئن بقي الحيوان يعتمد على دماغ يفكر بصورة ميكانيكية وانعكاسية ، اي ينشط فقط لضمان الغذاء والبقاء ، فإن الانسان تأنسن، اي صار انساناً بعد ان تطور دماغه وانتج العقل الذي ينطوي في جوهر بنائه على الخير مثلما ينطوي على الشر، وذلك بفضل اخطر خصائصه : القدرة على عقلنة الشيء ونقيضه !

ويحاول المذهب إثبات وجود الأفكار والاستدلال عن وجودها بالعقل الإنسان وأحيانا دون ما حاجة على التجربة العملية الحياتية حيث يصير الإدراك العقلي المجرد أحيانا يسبق الإدراك المادي المجسد.

و العقلانية مذهب قديم جديد بنفس الوقت. برز في الفلسفة(*) اليونانية على يد سقراط وأرسطو، وبرز في الفلسفة الحديثة والمعاصرة على أيدي فلاسفة أثَّروا كثيراً في الفكر البشري أمثال: ديكارت وليبنتز وسبينوزا وغيرهم.

ليست هناك تعليقات: